شهدت الكويت أواخر الأسبوع الماضي حالة من الهيجان السياسي اتت كاحد الموجات الإرتدادية لما حدث من حل لكل من الحكومة و مجلس الأمه ، فقد تظاهر عدد كبير من أبناء القبائل أمام مبنى إدارة المباحث مطالبين بإخلاء سبيل عدد من المتهمين من أبناء القبيلة ممن القي القبض عليهم بتهمة التخطيط لتنظيم إنتخابات فرعية وهو ما يجرمه القانون الكويتي نظرا لما لذلك من تثبيت للنزعة القبلية و تغليبها على مبادئ الديمقراطية التي تدعو للإختيار بناء على الأنسب و الأكفأ و ليس وفق العرق و الأصل
وقد كانت لي الفرصه في مناقشة هذا الأمر مع عدد من الأصدقاء و الذين التقيتهم في أحد شاليهات البحر خارج مدينة الكويت، حيث لمست من هؤلاء استهجان على الطريقة التي تعامل بعض أبناء القبائل المتظاهرين مع القوات الأمنية ، فهناك صورة لأحد المتظاهرين يمسك بقميص أحد الظباط ( عقيد) و هو يصرخ في وجهه متوعدا ايها بكذا و كذا، و هناك مشهد بث عبر القنوات التلفزيونية يوضح مدى الهيجان الغير طبيعي لأبناء القبائل و قلت الحيله لدى القوات الأمنية،و قد استمر الحال طيلة ذلك اليوم حتى قامت قوات مكافحة الشغب بالتدخل و استطاعت تفريق المتظاهرين دون أن ينجم عن ذلك أي خسائر فادحة سوى الفظيحة التي تناقلتها كل وسائل الإعلام المحلية و الإقليمية و ربما العالمية
تعودنا من الكويت منذ زمن بعيد أن تكون منارة للحضارة و رائده في التجديد و التقدم، فكلنا يتذكر كيف كنا نستشهد منذ الثمانينيات بحرية الصحافة الكويتية و زهو الحياة الديمقراطية فيها و كيف كنا نحلم في ان نلحق يوما ما بذلك الركب الذي في حينه كان اقرب للخيال نظرا للفارق الشاسع بين ما كانت تعيشة الحياة السياسية الكويتية و ما كانت عليه نظيرتها السعودية، اقول كانت الكويت دائما قدوة في طريقتها في التعامل مع الإختلاف و قدرتها على الموازنه بين الاصاله و الثقافة المحلية من جهه و بين الحضارة و التمدن من جهه اخرى ، إلا أن ما شهدته من احداث تجسدت في تلك المظاهرات لهو مؤشر خطير ينبئ برغبة البعض على عودة السيطره الأحادية على القرار و على عودة القبيلة كمحرك اول و اساسي لسير الحياة السياسية و الديمقراطية في المنطقة، كل هذا يؤكد أهمية العمل السريع من أجل خلق الأرضية المناسبة لتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني و التي هي وحدها التي تكفل بقاء و استقرار مجتمع مدني متحضر يعتمد المواطنه و ليس القبيلة أساسا للمشاركة في العمل السياسي وفي عملية إتخاذ القرار