قليلون هم الأشخاص الذين يمكن أن نطلق عليهم فطاحله أو رواد في زماننا هذا، و لقد كنت محظوظا في حياتي أن التقيت ببعض منهم إما بالمصادفة أو عن طريق القصد، و هنا سأتحدث عن رجل ربما كثير منكم لم يسمع عنه و كثير منكم لا يعنيه أمره أصلا، بل ربما أن كثير منكم لا يعتبره ضمن تصنيف ألفطاحله و الرواد، إلا أني و بحكم عملي الطويل في مجال الإعلام و العلاقات العامة و تحديدا في مجال التخطيط الإستراتيجي فأعتبره أحد الأستاذة الكبار في مجال التخطيط الإستراتيجي في العلاقات العامة و تحديدا التخطيط المتخصص في إدارة الرأي العام، ذلك الشخص هو اللورد بـيـل مؤسس و رئيس مجلس إدارة شركة (بيل-بوتنجر) و التي تصنف على أنها الشركة الأولى عالميا في مجال الشؤون العامة وهو التخصص الذي يُعنى بالتخطيط للحكومات في مواجهة القضايا الحساسة و التخطيط لقضايا الرأي العام
التقيت اللورد بيل في مكتبه الكائن في شارع (ماي فير) في مدينة لندن يوم الخميس الموافق السادس من شهر مارس الجاري في تمام الساعة الثالثة و النصف عصرا، حيث استقبلني عند باب مكتبه و حياني بالتحية الإسلامية( السلام عليكم) فرددت عليه بطبيعة الحال (وعليكم السلام) حيث بعد ذلك اتجهنا إلا داخل مكتبة المليء بالكتب و المجلات و الصحف و صورة مع قادة العالم، و بدأ الاجتماع و الذي خصص لمناقشة مشروع عمل ليس مكان الحديث عنه هنا، وقد لفت نظري فورا حرص هذا الرجل السبعيني على فهم كل صغيرة و كبيره تتعلق بالموضوع، فلم يتردد في توجيه السؤال مهما كان هذا السؤال سطحيا أو ساذجا، و لم يكتفي بالمعلومات الواقعية و الموثقة بل بدأ يسأل عن رأي أنا بالموضوع و ما هي الحلول التي اقترحها لمعالجة الموضوع و كان يسجل في دفتره كل الأجوبة و يدّون الملاحظات و التعليقات، كان اللقاء أشبه بمحاضرة القيها أنا على طالب مجد و متعطش للتعلم و الاستفادة و راغب في أن يكتشف كل المسائل و كافة الطرق التي تؤدي للحل الصحيح
استمر اللقاء لمدة ساعة تقطعت بين الفينة و الأخرى باتصال هاتفي من أحد معاونيه يسأله عن أمر ما، و كان في كل مرة يرد بأنه مشغول و يبلغه بأنه سيعاود الاتصال به فور انتهاء اجتماعه،و قد قلت له بأن لا بأس في أن يتلقى الاتصال فبإمكاني أن انتظر، إلا انه قال بهذا اللفظ (لا يا ياسر،،، هذا لن يكون لائقا مني)ا
استمر الحديث بيننا إلا إني بدأت أركز أكثر فأكثر على طريقته في الاستفسار و مدى تغلغله في الدقة عندما يبدي ملاحظه ، و رغبته الواضحة في فهم التفاصيل، وهو ما دعاني لان اسأله بقولي ، يا لور دبيل،، الست رئيسا لمجلس إدارة هذا الشركة العملاقة، قال بلا، فقلت فلماذا تهمك لهذه الدرجة جمع التفاصيل و أنت من أهم الشخصيات العالمية في التخطيط الإستراتيجي العام و من أهم من خطط للدول و اثر بأفكاره على الرأي العام ، أليس الاهتمام بالتفاصيل عمل المساعدين و الموظفين، فقال بلا و لكن الم تسمع بقول المثل ( الشيطان هو في التفاصيل) فقلت بلا فقال و في رأيك ما معنى المثل، فقلت المثل يعني بأن التفاصيل ملعونة كالشياطين و ليس فيها إلا الدمار و الهلاك ، فأبتسم ذلك العجوز و قال : بل التفاصيل هي سبب النجاح فإذا استطعت أن تفهمها و تستوعبها فذلك يعني فهمك لخدع الشياطين و إغوائه و بالتالي فلن يقف شيطان نفسك عائقا دون تحقيقك لما تطمح إليه و تحقيقك النجاح تلو النجاح
عرفت بعد ذلك بأن العظماء هم من لا يتوقفون عن السؤال و محاولة الفهم، و أن لا سبيل لبناء الصروح العظيمة إلا بجمع الحجارة الصغيرة كما فعل الفراعنة من آلاف السنين
5 comments:
شكرا على العرض يا ياسر
كنت، ولا زلت، أتمنى أن تكتب أكثر عن لقائك مع اللورد بيل، هل ننتظر المزيد؟
سلطان البازعي
قد يكون التعليق غير ذا قيمة بخصوص اللقاء بس اللورد بيل هو لورد صدقي والا زي اللوردات اللي عندنا اقصد الشيوخ اللي كل واحد عنده قرشين صار اسمه شيخ والا عنده معلومتين صار اسمه شيخ والا صار رئيس على اثنين من قبيلته صار اسمه شيخ. او كالافلام المصرية عندما نسمع صاحب القهوة الشعبية ينادي زبائنه يا لورد.
يعني عندنا الواحد يلقب نفسه بالشيخ مع ان اللقب شي مكتسب من انجازات الشخص او مكانته العلمية او من ارث اجتماعي
سبحان الله في خلقه
أخي فهد، شكرا جزيلا على مرورك و التكرم بالتعليق، أما بخصوص سؤالك فما اعرفه ان لقب اللورد في بريطانيا هو مكتسب و يعطى لمن خدم التاج البريطاني عبر مسيرته العملية و اللقب مثله مثل لقب البارون منه ما يورث و منه ما لا يورث ، منح اللورد بيل اللقب عام تسعين ميلادية من قبل رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت ثاتشر و بالتالي اصبح عضوا دائما في مجلس اللوردات البريطاني و الذي يلعب دورا سياسيا مهما في المملكة المتحده مثله مثل مجلس العموم البريطاني، هذا و لك كل التحية
From a scientific point of view details mean precision and quality, the more you understand the details the more you obtain
maximum efficiency
Ibrahim A.G
Great minds first see the big picture then, consequently,they go on to studying details
Elsa Franco
إرسال تعليق